الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية لأوّل مرّة: الطيب البكوش يفصح عن اسباب "استقالته" من الخارجية، ويتحدث عن النهضة وقانون التوبة ومصير سفيان ونذير

نشر في  18 جانفي 2017  (14:48)

ضيفنا في هذا العدد هو أستاذ جامعي تونسي، ووجه سياسي وحقوقي بارز وهو احد الرموز النقابية القيادية في تونس التي حوكمت بسبب أفكارها ومبادئها الوطنية السامية التي ناضلت من أجلها..

تقلد خطة الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل بين 1981 و1984 وتسلّم مناصب وزارية مختلفة سواء مباشرة بعد تغيير النظام وكذلك في حكومة الحبيب الصيد كما تقلّد العديد من المناصب العليا والقيادية..

هو وزير الخارجية الأسبق والأمين العام الحالي لاتحاد المغرب العربي، الأستاذ الطيب البكوش السياسي «الإنسان» الذي سيكشف في حواره الحصري مع أخبار الجمهورية عن تفاصيل هامة قالبة للموازين بشأن حقيقة ابتعاده عن وزارة الخارجية وفحوى لقائه بالباجي قائد السبسي إثرها..

كما سيتحدّث عن العديد من المسائل الهامة والحرجة من بينها قضية الصحفيين المختطفين القطاري والشورابي، تتابعون تفاصيلها كالتالي..

- في البداية ألم يحن الوقت بعد لتبوح بالأسباب الحقيقية وراء خروجك من وزارة الخارجية؟

في الحقيقة أعتبر أنّ كل من يتحمل أيّ مسؤولية مهما كان نوعها يجب عليه الإيمان بشعار يقول «لو دامت لغيرك لما آلت إليك»، وهو شعار واضح يعبّر عن أنّ التداول على المسؤوليات هو المبدأ والأصل المتعارف عليه .

أمّا في ما يتعلق بقضية الحال فيمكن أن أقول إنّي قَدَّمْتُ، استقالتي لرئيس الحكومة السابق الحبيب الصيد باعتبار أن الوزير يرجع بالنظر إداريا إلى رئيس الحكومة. ومن هذا المنطلق قدّمت استقالتي مع شرح الأسباب التي دفعتني لذلك .

- لو تحدّد لنا ماهي أسباب تقديم استقالتك؟

هي أساسا وفي المجمل تتعلق باختلافات بيننا في الرؤى خاصة في ما يهمّ بعض القضايا الأساسية بما فيها ما يتعلق بالدبلوماسية الاقتصادية.

وأذكر جيّدا أنني قلت له في إطار تقديم الاستقالة « ما تقراش حسابي في تشكيل الحكومة الجديدة».

- ولماذا لم تعلن عن قرار استقالتك في ذلك الوقت أمام الرأي العام؟

في الحقيقة لم أشأ الإعلان عن ملابسات استقالتي تجنبا للضجة الإعلامية التي كان سيحدثها ذلك، ولأنّني كنت أعي جيّدا  أنّ البلاد في ظل الظروف الصعبة التي كانت وما زالت تعيش على وقعها لا تتحمّل مزيدا من البلبلة والمشاكل السياسية التي قد تحدثها هذه المعطيات.

لذلك فضلت أن تكون انعكاسات إخفاء حقيقة خروجي من وزارة الخارجية  على حسابي لا على حساب البلاد .

- وماذا كان تعليق رئيس الجمهورية بعد علمه بتقديم استقالتك؟

رئيس الجمهورية بعد أيام قليلة من التحوير الوزاري دعاني لملاقاته، وعرض علي منصب الأمانة العامة لاتحاد المغرب العربي. وبعد النقاش قبلت عرضه دون أن نتحدث في موضوع الاستقالة من وزارة الخارجية.

- الكل يعلم أنّ الطيب البكوش رجل جامعي مثقف وخلوق ومتحلّ بالرصانة والهدوء، فهل تعتبر أنّ صاحب هذه الصفات لا يمكن له النجاح في الحياة السياسية التي تعجّ بـ"الذئاب"؟

هذا سؤال خلافي، يمكن القول بأن الحياة السياسية عامة يندر فيها وجود سمة الأخلاق لكن هذا لا يعني أنّها غائبة أو منعدمة، وبالنسبة إلي هذه المسألة يتم قياسها بدرجات متفاوتة حيث أنّ الحياة السياسية تدخل صلبها الأطماع الشخصية والانتهازية وعديد المظاهر اللاأخلاقية الأخرى فضلا عمّا يسمى بـ«قلبان الفيستة» والمتاجرة بالمواقف السياسية.

لكن هذا كله لا يؤثر في لأنني أفضل التمسك بالمبدأ الأخلاقي حتى في السياسة باعتبار مسؤولياتي السابقة الأكاديمية والفكرية والنقابية والحقوقية  وهي جميعها تندرج ضمن المجتمع المدني.

- كيف انتقلت إذن من المجتمع المدني إلى المجتمع السياسي؟

دخولي عالم المسؤوليات السياسية هو نتيجة للثورة التي كانت ثورة شباب غير مؤطرة سياسيا وهو ما كان يمكن أن يؤول إلى فوضى عارمة.

ولذلك عندما اقترح علي منصب وزير للتربية بعد رحيل بن علي بأيام قليلة، قبلت ذلك إيمانا مِنيِ بأنّ البلاد تحتاج إلى تحقيق أهداف الثورة والى إنجاح السنة الدراسية وإنجاح المسار الانتقالي السلمي حتى تنظيم الانتخابات، علما وأنني لم أقبل المناصب الوزارية التي عُرضت عليَّ في السابق في عهدي بورقيبة وبن علي.

- على ذكر وزارة التربية، ما رأيك في الخلافات بين ناجي جلول والنقابة والسياسات التي يتوخاها الوزير؟

في الحقيقة أنا لا أريد الحكم على ما يقوم به هذا الوزير أو ذاك ولا أحبّذ التعليق على العلاقات الخلافية بينه وبين النقابات.

لكن ما استطيع الإفادة به في هذا الشأن هو انه خلال تجربتي في وزارة التربية تجنبت استعمال كلمة «إصلاح» لأنني اعتبرها كلمة مستهلكة وقد كان موقفي الذي أعلنت عنه في ذلك الوقت يتمثل في إستراتيجية تقوم على التقييم المتواصل والتعديل المناسب في كل وقت ويكون ذلك في إطار هيكل أو خلية من مختلف الأطراف المعنية بالعملية التربوية، توكل إليها مهمة التقييم المرحلي المتواصل للعملية التربوية واقتراح التعديلات الضرورية في كل لحظة وترك شعارات الإصلاح وما شابهها من مصطلحات مستهلكة .

- هل تعتبر أنّ ابتعادك عن الحياة السياسية هو خيار شخصي أم قرار حتّمته عليك الظروف؟

يجب التمييز بين السياسة بمفهومها العام أي الاهتمام بالشأن العام وهو من واجبات المواطنة والحياة الحزبية، والحزب الوحيد الذي شاركت في تأسيسه وتحملت فيه مسؤولية الأمانة العامة عندما اقتضت ظروف الثورة وما تلاها هو حركة نداء تونس التي قامت على خلق التوازن السياسي المنخرم اثر انتخابات المجلس التأسيسي سنة 2011.

- وهل ندمت على هذا الانتماء الحزبي؟

لا لم أندم، فكل الذي نمر به في هذه الحياة هو تجارب نستفيد منها، وقد كانت حركة نداء تونس تمثل بديلا سياسيا ضروريا، لكن تجدر الإشارة إلى أن الهيئة التأسيسية ما زالت مبدئيا قائمة قانونيا إلى أن يلتئم مؤتمر ديمقراطي تأسيسي وهذا لم يقع إلى حد اليوم.

وبناء على ذلك فإنّ شرعية التأسيس ما زالت قائمة، لكني لم استعملها حتّى لا أدخل في دوّامة الصراعات المخجلة التي أساءت لصورة حزب نداء تونس الذي أصبح اليوم يمر بأزمة عميقة للغاية.

- وبرأيك ماهو مستقبل حركة نداء تونس في ظل الانشقاقات التي يشهدها؟

 إذا ما تواصل الأمر على هذه الشاكلة فإنّي لا أرى له مستقبلا أو وزنا كبيرا وللأسف خسر نداء تونس ورقة الحزب الأول لأنه لم يتحمل منذ البداية مسؤولية رئاسة الحكومة حتى يطبق البرنامج الانتخابي الذي وعد به.

- وماهي أبرز المشاكل التي اعترضتك سابقا في وزارة الخارجية؟

يمكن القول بأنّ أكبر مشكلة إعترضني هي مشكل الملف الليبي وغياب دولة وحكومة موحدة في ليبيا البلاد الشقيقة التي تربطنا بها علاقات تاريخية متينة ومصالح مشتركة قوية جدا.

وقد ارتأيت خلال فترة ترؤسي لوزارة الخارجية تطبيق مبدأ احترام الجوار وسيادة الدول وعدم التدخّل إلا بالحسنى، ومن هذا المنطلق تعاملنا مع الطرفين الحكوميين المتناقضين في ليبيا على حدّ سواء، وعلى أساس أن حكومة الشرق «طبرق» معترف بها دوليا وحكومة طرابلس «الغرب» هي التي تسيطر على المناطق التي فيها أكثر من 80 بالمائة من الجالية التونسية،  لذلك فإنّ التعامل مع حكومتين في ليبيا على أساس التمثيل القنصلي كان في خدمة مصالح الجالية التونسية في ليبيا بالأساس ويسهل التواصل مع الطرفين.

من ناحية أخرى تعاملت مع مشكل كبير آخر اعترضني وكان سابقا لمجيئي إلى الوزارة بـ5 أشهر، هذا المشكل هو للأسف قضية الصحفيين المختطفين سفيان الشورابي ونذير القطاري.

- على ذكر قضيتي سفيان ونذير وفي ظل تضارب الأنباء حول حقيقة مصيرهما، برأيك من يملك مفتاح لغز قضيتهما وهل تعتبر أن الدولة التونسية قامت بواجبها تجاههما؟

سأخبرك بالضبط ماذا فعلنا صلب وزارة الخارجية خلال السنة الماضية بخصوص هذه القضية الحرجة، علما وأنّنا لم نلاحظ في ملف اختطافهما سوى تقارير عن اجتماعات ولجنة متابعة. لذلك اعتبرتها قضية ذات أولوية بالنسبة إلي من الناحية الإنسانية والمسؤولية السياسية.

وكان أول شيء قمنا به هو رفع قضية عدلية  في الاختفاء القسري وهو ما يمثل أبسط شيء يمكن فعله في مجال حقوق الإنسان، في الأثناء قمت  باتصالات مكثفة بحكومتي الشرق والغرب حول هذا الملف، وقد أخبرني أحد وزراء حكومة الشرق الليبية بان الصحفيين ما زالا على قيد الحياة. في المقابل أعلن وزير العدل في الحكومة ذاتها في ندوة صحفية أنه تمت تصفيتهما من قبل الدواعش وأنهم تمكّنوا من الإمساك بشخصين اعترفا بذلك.

  ومباشرة اثر هذه المعطيات الخطيرة، اقترحنا أن يرسل حاكم التحقيق الممسك بالملف إلى ليبيا في طائرة عسكرية ومعه ضابط من سلك الحرس الوطني وقنصل عام عيّناه قبل ذلك .

ورغم كل  المخاطر التي كانت تحف بهذه المهمة فقد تمكن الوفد من لقاء الشخص الداعشي الموقوف واستنطاقه، حيث قدم لهم أوصافا تبدو كأنها مطابقة لأوصاف الصحفيين التونسيين المختطفين سفيان ونذير وذكر انه قد تمت تصفيتهما في اكتوبر2014 أي أسابيع بعد الاختطاف وهي فترة الحكومة الانتقالية السابقة لنا.

- وفي ما يخصّ مكان الدفن؟

لقد تمّ إخبار الوفد المرسل بأن المكان الذي دفن فيه سفيان ونذير ما زال تحت سيطرة الدواعش وبمجرد أن يسيطر الجيش على المنطقة ويفتكها سيتم البحث عن رفاتهما .

وطبعا بالنسبة إلينا تبقى كل المعطيات غير مؤكدة وفيها لبس كبير فلا شيء مسلُم به في هذه القضية، ومادامت الحقيقة القضائية غير متوفرة فإن الصحفيين بالنسبة إلينا مازالا مختطفين،  فمادام لا وجود لجثتين مطابقتين لحمضهما النووي لا يمكن القول إنهما قد ماتا، من ناحية أخرى لا يمكن التسليم بأنهما أحياء مادام لا دليل يثبت ذلك مثل تسجيل صوتي مؤرخ بالصورة والصوت.

ومادام لا وجود لهذا أو لذاك فإن الصحفيين لا يمكن اعتبارهما أحياء أو أمواتا. فالحقيقة القضائية مازالت مع الأسف غائبة.

- هل كانت وزارة الخارجية مخترقة من قبل بعض الأحزاب السياسية؟

أؤكد أنه أثناء تحملي مسؤولية وزارة الخارجية لم يكن هنالك أي طرف حزبي في الوزارة مهما كان انتماؤه يوُجه السياسات المتبعة من منطلق حزبي ضيق. فالسياسة المتبعة لها ثوابت وطنية منذ الاستقلال.

- هل تعتبر أنّ الباجي قائد السبسي أخلف بوعوده الانتخابية عند تحالفه مع النهضة؟

قبل الإجابة عن هذا السؤال نشير إلى أن المتأمل في القضايا السياسية بصفة عامة يلاحظ دائما وجود فرق بين الوعود الانتخابية و التطبيق في الواقع أو بين ما يعرف بسقف الوعود ومنسوب الإنجاز.

وفي ما يخص «تونس» أرى أن استعمالك لفعل «أخلف» كما ورد في السؤال جاء وكأنه حكم على النوايا، وأنا في الحقيقة لا أحب إصدار الأحكام على النوايا.

- لكن أستاذ الطيب، حزب نداء تونس فعل عكس ما وعد به في الانتخابات في ما يخص شعاراته ضد حركة النهضة وذهب لتقاسم السلطة معها فور فوزه أفلا يعتبر هذا إخلالا بالوعود؟

بصفة عامة تطبيق الوعود يقوم على الاجتهاد في ممارسة الحكم لتحقيق أكثر ما يمكن منها. والمجتهد قد يصيب وقد يخطئ ومن اجتهد وأصاب فله أجران ومن اجتهد ولم يصب فله أجر واحد. فقد تنجح في وعد وتفشل في آخر.

لكن المبدأ العام هو أن نقرأ دائما حسن الظن، مع الوعي بأنّ نتائج الانتخابات بصفة عامة يمكن أن تتحكم في سقف الطموحات ومنسوب الإنجاز.

ولو كان لنداء تونس الأغلبية الانتخابية المطلقة لما كان في حاجة إلى الدخول في تحالفات حزبية، وهذا  ما يسمّى بإكراهات الانتخابات ونتائجها وهو يدخل في خانة الاجتهادات.

- وهل كنت من بين المساندين لهذا التحالف أم من معارضيه؟

 كانت لدي وجهة نظر أخرى في هذه المسألة حيث أنني كنت من المعارضين لفكرة تحالف النداء مع حركة النهضة وتشريكها في الحكم لكن كان هذا رأيي الذي لا أستطيع فرضه على غيري.

وكان هناك أطراف رأت بأن تشريك الحزبين الأكبرين في الحكم فيه مصلحة ومن شأنه أن يجنب البلاد الهزات والصراعات، مقابل أطراف اعتبرت أن المصلحة في عدم تشريك حركة النهضة لا من منطق الإقصاء أو العداوة وإنما من منطلق رؤية المصلحة في أن تقوم النهضة بتجربة مغايرة بدخولها للمعارضة الديمقراطية بعد ممارستها للحكم لمدة 3 سنوات يعلم الجميع نتائجها.

وكان هذا من شأنه أن يخلق حركية أنسب للتداول على الحكم والتعود على الممارسة الديمقراطية من طرف جميع الأحزاب.

- ألا تعتبر أنّ سلبيات وانعكاسات هذا التحالف بين الحزبين فاق بكثير إيجابياته؟

الايجابيات يراها مؤيدو هذا التحالف في التوافق الذي يجنب البلاد الصراعات الحزبية خاصة في ظروف صعبة تمر بها البلاد على مختلف الأصعدة .

أما السلبيات فيراها مناهضو هذا التحالف في حرمان ديمقراطية ناشئة من التداول السلمي على الحكم.

- وهل تصدّق أنّ حركة النهضة فصلت فعلا بين الدعوي والسياسي؟

أعتبر أن هذا مشكل زائف حيث أن الدعوي مفهوم خاطئ في تونس فالدعوي هو القيام بمجهود لإدخال من لا يؤمن بالله مطلقا أو يؤمن بالأوثان في الإسلام كما يعرف أيضا في المسيحية بحركة التبشير.

بناء على هذا كيف ندّعي القيام بنشاط دعوي في تونس وهي في أغلبها  تضم شعبا مسلما سنيا مالكيا؟ فإلى ماذا ندعوه؟  كما أنّ هذا يفترض اعتبار هذا الشعب كافرا وهو خطاب خطير للغاية خاصة وأنّ هذا ما يدعيه الدواعش وأشباههم.

- وهل تصدّق أنّ حركة النهضة فصلت بين الديني والسياسي إن لم نقل الدعوي كما وصّفته هي؟

البعض من قيادات النهضة يقولون إننا لسنا حزبا دينيا لكن نحن حزب بخلفية دينية، إذن فالفارق يصبح لغويا لكن المهم هو الواقع الذي يتطلب نضجا كبيرا، فلا يمكن الانتقال بهذه السهولة من عقلية من كان يعتبر الجهاديين والسلفيين من الأجنحة إلى عقلية الفصل التام بين الديني والسياسي، لذا لا اعتقد انه سيتم هذا الفصل التام بين عشية وضحاها لانّ هذا يتطلب أجيالا ولذلك فهذا التطور ما زال في بداياته.

- على اعتبار جذورك اليسارية، ماهو رأيك في مسألة عودة الإرهابيين الى تونس ومشروع قانون التوبة الذي يرغب البعض في تمريره؟

أولا لم أنتم قط إلى أي حزب يساري فأنا ديمقراطي تقدمي وهذه الصفات قيم وليست تنظيما سياسيا.

  أما مفهوم التوبة فهو غير مقبول وليس له معنى هنا. فالتوبة في الثقافة الدينية المطلقة هو أنّ من يرتكب معصية يعبر عن خطئه ويطلب الغفران. والغفران أساسا من الله، فعلاقتنا مع الله علاقة مباشرة في الإسلام بلا وسيط فليس لنا كهنة في الإسلام يمنحوننا صك الغفران.

ثمّ من قال إن هؤلاء الإرهابيين تابوا فعلا عن جرائمهم الوحشية؟، نحن نعلم جيّدا  أنّ هؤلاء ذهبوا ليقتلوا ويرتكبوا المجازر في بلاد أخرى وحين فشلوا وفقدوا إنسانيتهم  باتوا راغبين في العودة  إلى البلاد التي أنكروها في الأصل.

- وكيف ترى حلّ هذا المشكل؟

أرى أنّ هذا المشكل يحل بالقضاء الصارم وليس باستقبال من كان باسم الجهاد يمارس الإجرام والإرهاب، وقد رأينا أن بعض من عادوا ودخلوا الحدود خلسة قاموا بعمليات إرهابية في تونس زد على ذلك مخابئ الأسلحة الموجودة بالبلاد والتي يعلمون أماكنها ومتأهبون في كل لحظة لحملها ورفعها ممارسة للإرهاب.

هؤلاء يمثلون خطرا على مجتمع وامن تونس ومستقبلها لذلك لا بد من تكوين خلايا قضائية تضم القضاة النزهاء الوطنيين وضمان الحماية اللازمة لهم ولأسرهم حتى يتمكنوا من تطبيق القانون بكل جد على كل من قام بمثل هذه الأعمال الإرهابية  حتّى نجنب تونس  الخطر الداهم.

وللأسف فاليوم هنالك من ما زال يستعمل كلمة «مجاهدون» أو «مقاتلون» وهم في الحقيقة إرهابيون ومجرمون، هم وكذلك من قام بتجنيدهم وسهل لهم هذه المهام القذرة.

- كأمين عام لاتحاد المغرب العربي، ماهي أهم مشاكل المغرب العربي؟

أهمّ المشاكل تتمثّل في أن درجة الاندماج المغاربي الذي يعتبر الهدف من  قيام اتحاد المغرب العربي مازال ضعيفا جدا رغم تقدم بعض القطاعات.

زد على ذلك ان صاحب القرار هو المجلس الرئاسي الذي يضم  رؤساء الدول الخمس، والذي لم يجتمع منذ سنة 1994 لأسباب يطول شرحها وهو لا تتخذ قراراته إلا بالإجماع.

  حاليا يوجد مسعى لتنشيط مجلس رؤساء الحكومات أو الوزراء الأول باعتباره موجودا في النصوص التأسيسية، لكن لم يجتمع قط ويمكن له أن يعوض ولو مؤقتا مجلس الرئاسة بحكم عدم استقرار الأوضاع في ليبيا بصفة نهائية.

- وفي ما يخص المشاريع المشتركة بين دول الاتحاد المغاربي؟

في الواقع هنالك العديد من المشاريع التي يتم الإنكباب على إتمام إنجازها حاليا، فمثلا في ما يتعلق بالنقل هناك مشروع استكمال طرق سيارة وحديدية عبر جميع البلدان من ليبيا إلى موريتانيا مرورا بتونس والجزائر والمغرب.

  كما توجد أيضا مشاريع في مجالات الفلاحة والبيئة، خاصة في ما يتعلق بالتصٌحُر وبالأمراض التي تنتقل إلى بعض الأشجار مثل الزياتين والتمور فضلا عن البحث عن حلول لمشكل الجراد العابر للحدود ومخاطره على الزراعة.

  وتوجد مشاريع ذات علاقة بالطاقات المتجددة وبالاقتصاد الأخضر كما توجد أيضا مساع في ما يتعلق بالتنسيق الجامعي على مستوى وزارات التعليم العالي والبحث العلمي وانتقال الأساتذة والطلبة للجامعات والعديد من المشاريع الكبرى التي تتطلب وقتا وجهودا، والأمانة العامة تنكب عليها بكل حزم وتعمل يوميا في مجالات مختلفة مثل العدالة والشؤون الاجتماعية والصحة. هذا فضلا عن القضايا الأمنية وكل ما له علاقة بالتنمية المستديمة.

- لو لم تكن شخصية سياسية ووطنية عامة، ماذا كنت ستختار أن تكون ولماذا؟

لقد اخترت أن أكون أستاذا جامعيا باحثا ثم اخترت أن أكون مسؤولا نقابيا إذ تحملت مسؤولية الأمانة العامة للاتحاد العام التونسي للشغل،  واخترت أيضا أن أكون حقوقيا فترأست المعهد العربي لحقوق الإنسان وكنت من مؤسسي الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، إذ ترأست فرع المنازه والمنارات، ومن مؤسسي عديد الجمعيات الأخرى ومنها لقاءات مغاربية ولقاءات لسانية متوسطية وفي مجال البحث العلمي للتنمية. إذن فالمجتمع المدني هو الأصل في مسيرتي.

- في الختام هل من رسالة توجّهها الى شخص ما؟

في الحقيقة كثرت الأطراف وتعدّدت، لكن هنالك رسالة مزدوجة أوجّهها اليوم إلى جميع المسؤولين وجميع شرائح المجتمع وهي أن يغلبوا المصلحة الوطنية على كل الاعتبارات الشخصية والفئوية والجهوية..

 والمصلحة الوطنية تتمثل في العمل من أجل  النهوض باقتصاد البلاد وبجعل النمُو ومردود التنمية عاما على جميع الفئات والجهات، مع تطبيق العدالة الاجتماعية. وأن يكونوا متضامنين أمام المخاطر التي تعترض البلاد وبالخصوص مخاطر الإرهاب، فهذه هي مسؤولية الجميع، وهي رسالتي إلى جميع التونسيات والتونسيين.

حاورته: منارة تليجاني